منذ وفاة النبى، كانت قضية الخلافة ولا تزال مصدر نزاع طويل بين المسلمين؛ فاختلفت الشيعة وغيرهم من أمثال ابن أبى الحديد في قضية التنصيص علی خلافة أميرالمؤمنين على بن أبى طالب اختلافاً شديداً؛ فيذهب هؤلاء، أي الشيعة، إلی أنّ یعرف الامامة منصباً الهیاً كالنبوة و الرسالة؛ أما غيرهم من أهل السنة و الجماعة و المعتزلة فلم يتعرّضوا قطّ، لحقيقة الإمامة الإلهية ، ولم يتجاوزوا عن حدود قضية الخلافة الإسلامية في هذه المسألة، بل ولم يقبلوا الروايات التي تنصّ علی خلافة على بن أبى طالب، وحاولوا إثبات مشروعية خلافة الخلفاء.هذا والمتكلمون الشيعة الإمامية الاثنا عشرية قد اتخذوا موقفاً دفاعياً إزاء هذين الاتجاهين؛ فركّزوا جلّ اهتمامهم علی إثبات وجود النصّ علی خلافة علي بن أبي طالب، والإعلان عن عدم مشروعية خلافة الخلفاء.فنحن في هذه الرسالة، بالإضافة إلی نقد آراء ابن أبي الحديد، سنؤكّد من خلال الكلام العلوي الشريف في نهج البلاغة، علی أنّ حقيقة الإمامة الإلهية حقيقة سامية قد فاقت الخلافة بكثير، فنری أنّ الأئمة أهل البيت:، لم يثبتوا وجود النصّ علی إمامة علي بن أبي طالب7 فحسب، بل كانوا يعتبرون الإمامة منصباً إلهياً ، ويعدّون الخلافة فرعاً من فروعها وشأناً من شؤونها. هذا و لا تفوتنا الإشارة إلی أن التساهل و الإغماض عن حقيقة الإمامة الإلهية و الغفلة عن الإمام المفروض الطاعة المنصوب من الله، إن كان جائزاً و مقبولاً لدی الشيعة فى مقام الجدال و النقاش مع المنكرين و المخالفين، ولكنه قبيح ومرفوض لديهم في مقام العلم والعرفان وفيما بينهم.
الكلمات الرئيسة: الإمامة، الخلافة، النصّ، النصب،. الامام علي، ابن ابي الحدید